كان هناك آباء كثيرون يطلقون على أبنائهم هذا الاسم في عصر المسيح. واسم برنابا له معنى جميل هو "ابن التشجيع". وكلنا بالطبع نحتاج إلى التشجيع. وقد عاش في أيام المسيح شخص اسمه برنابا. هذا الشخص كان مصدر تشجيع للرسول بولس، وساعده بعد أن تحول من قاتل لأتباع المسيح إلى شهيد وشاهد عن خلاص المسيح للبشرية
ظهور الكتاب: في عام 1709 ظهر بلا مقدمات كتاب لدى شخص اسمه كريمر كان مستشارا لملك بروسيا. كان غلاف هذا الكتاب ذا طراز شرقي، وعلى هوامشه شروح وتعليقات باللغة العربية. وبفحص الورق والحبر المستخدمين في هذا الكتاب، وجد انه يرجع إلى زمن حديث جدا هو القرن الخامس عشر أو السادس عشر بعد ميلاد المسيح، وهو الوقت الذي كان فيه العرب يسيطرون على الأندلس. وقد ورد في النسخة الأسبانية لهذا الكتاب اسم كان مستخدما في أسبانيا وقتئذ، وهو "مصطفى العرندي". فترى هل يكون هو كاتب هذا الإنجيل!
وقد أطلق الكاتب اسم "إنجيل برنابا" على هذا الكتاب، بغرض إبهار وتضليل المسيحيين و المسلمين
لكن فشلت هذه المحاولة، حيث فندتها أقوال العلماء: فقد سجل أعلام المسلمين على سبيل المثال في مؤلفاتهم المأخوذ بها (مثل مروج الذهب للمسعودي، والبداية والنهاية للإمام عماد الدين، والقول الإبريز للعلامة أحمد المقريزي) أن إنجيل المسيحيين قد كتبه أربعة فقط هم: متى، ومرقس، ولوقا، ويوحنا
آدم .. رأى .. كتابة .. نصها .. لا إله إلا الله ومحمد رسول الله. فأجاب الله .. هذا الذي رأيته إنما هو ابنك الذي سيأتي .. بعد .. سنين عديدة" "فبكى (آدم) .. وقال أيها الابن عسى .. أن تأتي سريعا وتخلصنا من هذا الشقاء" "فسكن روعهم ملاك الرب قائلا: هاأنذا أبشركم بفرح عظيم، لأنه قد ولد (المسيح) في مدينة داود (أورشليم) طفل نبي للرب الذي سيحرز .. خلاصا عظيما
يبدو أن الكاتب هنا يتأرجح فيمن هو الذي سيخلص آدم ونسله، ومن أي مدينة سيكون
ومتى جاء رسول الله .. الذي داود يدعوه ربا .. وتسمونه مسيا
يدعي الكاتب أن داود يصف إنسان بأنه رب
لست أهلا أن أحل .. حذاء رسول الله الذي تسمونه المسيا" "بل اعترفت أيضا أني لست مسيا" "أجاب يسوع: أرغب في خدمة رسول الله الذي تسمونه مسيا
يدعي الكاتب أن الناس يطلقون لقب المسيا على رسول الله الآتي وليس على المسيح، في حين يعلن الإسلام أن المسيح هو المسيا آل عمران45، و النساء171
ينسب الكاتب زورا أقوالا للمسيح عن نبيا يأتي بعده، وهذه في الحقيقة أقوال يوحنا المعمدان عن المسيح.
ينكر الكاتب وجود يوحنا المعمدان مخالفا بهذا إيمان المسيحيين والمسلمين، وهو النبي الذي خر ساجدا وهو لا يزال جنينا في بطن أمه عندما زارتها مريم العذراء وهى حبلى بالسيد المسيح.
إن السموات تسع وإنها بعضها يبعد عن بعض كما تبعد السماء الأولى عن الأرض سفر خمس مئة سنة
هذا لا يتفق مع تعاليم الكتاب المقدس، ولا مع تعاليم الإسلام الذي يقول بأن السماوات سبع فقط: الإسراء44
فليقنع الرجل إذا بالمرأة التي أعطاه إياها خالقه ولينس كل امرأة أخرى
وهذا يتعارض مع تعدد الزوجات الموجود في الإسلام
فأحاط بالعذراء نور شديد التألق، وولدت ابنها بدون ألم
كيف يدعي الكاتب أن مريم لم تتألم في ولادتها وهو يؤكد أنها سافرت من الناصرة إلى مدينة بيت لحم متحملة متاعب سفر طويل مرهق لم تجد في نهايته مأوى لها أو لوليدها (فصل3: 6). فكلامه هذا يخالف المنطق ويخالف أيضا ما جاء بالقرآن في سورة مريم 23
فلما وصل يسوع علم الناس .. فتقدموا ..لأجل الميت طالبين أن يقيمه .. فخاف يسوع .. وقال خذني من العالم يارب لأن العالم مجنون
ليس معقولا أن يخاف المسيح من القيام بعمل كلفه به الله
قال الله لأتباع الشيطان: توبوا واعترفوا بأنني أنا خالقكم. أجابوا: إننا نتوب عن سجودنا لك لأنك غير عادل ولكن الشيطان هو ربنا
يخطئ الكاتب إذ يجعل المخلوقات تتصرف بوقاحة كهذه وهي في مواجهة خالقها.
وبصق الشيطان على كتلة التراب. فرفع جبريل ذلك البصاق مع شيء من التراب فكان للإنسان بسبب ذلك سرة في بطنه
كيف يبصق الشيطان وهو روح؟ ومعروف أن السرة هي ما يصل الجنين بأمه، وقد تم خلق آدم بدون ولادة، فلم يكن يحتاج أن تكون له سرة في بطنه أصلا.
كما أن الله يقبل قتل الناس ذبيحة فهكذا يقبل الكذب حمدا
ينسب الكاتب هنا إلى الله قبوله للقتل وللكذب، طالما كان هذا في مصلحته. ترى ما هي مصلحة الكاتب من وراء هذه الافتراءات؟.
فتغير يهوذا .. فصار شبها بيسوع .. فأخذ الجنود يهوذا وأوثقوه (وهو يقول) أنا يهوذا الاسخريوطي لا يسوع الذي هو ساحر فحولني هكذا بسحره
ينسب الكاتب هنا إلى الله أنه مخادع يستخدم الحيلة مع الجنود، والتحايل معروف أنه وسيلة الضعيف العاجز، كما ينسب الكاتب إلى المسيح أنه ساحر ومنتقم. وهذا يتعارض مع ما عرفناه عن كمال الله وسلطانه وعن تضحية المسيح ومحبته.
مما يدل على أن إنجيل برنابا إنجيل مزيف أن الآيات الواردة فيه ليست مقتبسة من التوراة العبرية التي كُتبت قبل الميلاد بمئات السنين، أو من الترجمة السبعينية اليونانية التي ظهرت في القرن الثاني للميلاد، بل مقتبسة (كما يقول العلماء) من الترجمة اللاتينية التي لم تظهر إلا في القرن الخامس للميلاد. وهذا يدل على أن الإنجيل المذكور إنجيل مزيف. ومن الأدلة على ذلك:
أ - جاء في فصل 82: 18 و83: 25 أن اليوبيل يقع كل مائة عام. مع أن اليوبيل كان يقع لغاية وجود المسيح على الأرض كل خمسين عام فقط (لاويين 25: 11). أما جعل اليوبيل كل مائة عام، فكان بأمر البابا بونيفاس الثامن سنة 1300م.
ب - وجاء في فصل 13: 19 عن فضل الزهد والتقشف أن المسيح لم تكن معه نقود. وفي 174: 2-11 بحث عما إذا كان سكان الفردوس يأكلون أو لا يأكلون. مع أن أهمية الزهد والتقشف لم تظهر في الشرق إلا في القرن الرابع، ولم تظهر في أوروبا إلا في العصور الوسطى. وكان ذلك في إيطاليا وأسبانيا بصفة خاصة (فجر الأندلس ص 28). وهكذا الحال من جهة البحث الخاص بنوع طعام سكان الفردوس، هل هو مادي أو روحي، فإنه لم يظهر إلا في هذه العصور، لأن الجهل كان يخيِّم عليها، حتى أنها سُمِّيت العصور المظلمة .
ج - وجاء في فصل 217: 88 أن نيقوديموس وضع مئة رطل من العطور على جثة يهوذا، ظناً منه أنها ليسوع. وجاء في 74: 16 أن المسيح قال إن الصيرفي ينظر في النقود ليرى هل هي من العيار المعهود. مع أن العثمانيين هم أول من استعملوا الرطل في القرن الرابع، عشر ثم نشروا استعماله في البلاد التي فتحوها، والبلاد التي كانت تربطهم بها علاقات تجارية، مثل إيطاليا وأسبانيا. كما أنهم هم أول من قال بمعايير الذهب، فأطلقوا على أجود أنواعه كلمة البندق . وكل من عاش في مصر حتى أوائل القرن العشرين يذكر أشياء كثيرة كانت توصف بأنها عثمانية.
د - جاء في فصل 105: 3 أن السماء تِسْع طبقات، عاشرها الفردوس (105: 7). وجاء في 59: 2 و135: 10 أن الجحيم مكّونة من سبع طبقات، كل طبقة لنوعٍ خاص من الخطاة، وأن الفَخور المتجبّر في قلبه يهبط إلى الدائرة السفلى، مارّاً بجميع الدوائر التي فوقها، فيعاني أقسى الآلام. وجاء في 135: 44 أن الله حكم على حواس الإِنسان بسبب شرها، ليس بالنار فحسب، بل وأيضاً بثلجٍ وجليد لا يُحتملان. مع أننا إذا رجعنا إلى الكتب الدينية والفلسفية القديمة، لا نرى واحداً منها قال بشيء من هذه الأمور. لكننا نراها مجتمعة في الكوميديا الإلهية التي كتبها دانتي شاعر إيطاليا في القرن 13م، وانتشرت بعد ذلك في القرون التالية له. وهذا يدل على أن كاتب الإنجيل الذي نحن بصدده عاش بعد هذا القرن. إذ لا يمكن أن يكون الاتفاق الموجود بين آرائه وبين آراء دانتي هو من باب المصادفة، لأن اتفاقهما ليس في أمرٍ واحد بل في أمور متعددة. كما أن هذه الأمور ليست منطقية أو علمية مما يتفق عليها بعض الناس، على الرغم من اختلاف أجناسهم والعصور التي يعيشون فيها، بل إنها أمور خيالية، إن خطرت ببال الواحد لا تخطر ببال الآخر.
ه - جاء في فصل 106 أن النفس تنقسم إلى حاسية وعقلية. وفي 17: 4-18 أن المسيح قال: الله صلاح، بدونه لا صلاح... الله حياة، بدونه لا أحياء. هو عظيم حتى أنه يملأ الجميع وهو في كل مكان. هو وحده لا ندَّ له، لا بداية ولا نهاية له. لكنه جعل لكل شيء بداية وسيجعل لكل شيء نهاية. لا أب ولا أم له، لا أبناء ولا إخوة ولا عشراء له. ولما كان ليس للّه جسم، فهو لا يأكل ولا ينام ولا يموت ولا يمشي ولا يتحرك، ولكنه يدوم إلى الأبد بدون شبيه بشري. لأنه غير ذي جسد، وغير مركب، وغير مادي. وأبسط البسائط... وبالاختصار أقول لك يا فيلبس إنه لا يمكنك أن تراه أو تعرفه على الأرض تمام المعرفة، ولكنك ستراه في مملكته إلى الأبد، حيث يكون قوام سعادتنا ومجدنا . وجاء في 43: 6-12 كل من يعمل، فإنما يعمل لغايةٍ يجد فيها غَناءً (أي غنى)، لذلك أقول لكم إن الله لما كان بالحقيقة كاملاً، لم يكن له حاجة إلى غَناء لأنه الغَنَاء عنده نفسه... وهل كان هذا هكذا، إلا لأن الله أراد ذلك ؟!
وبالتأمل في هذه العبارات نرى أنه لا يمكن أن تكون قد قيلت إلا بعد حدوث مباحثات ومناقشات من جهة النفس وخواصها، ومن جهة ذات الله وصفاته وأعماله. وأيضاً من جهة شخصية المسيح، وهل كان إنساناً عادياً أم كان هو ابن الله بمعنى المعلِنللّه أو الله مُعلَناً. كما نرى أن هذه العبارات مصاغة في أسلوب لم يكن معروفاً في البيئة التي عاش المسيح فيها، لأن هذه البيئة كانت تميل إلى الإيجاز، كما كانت تميل إلى البساطة في التفكير والتعبير. لكن بالرجوع إلى التاريخ نرى أن المباحثات الخاصة بشخصية المسيح ظهرت في أول الأمرفي القرن الخامس للميلاد. وأن المناقشات الخاصة بالنفس، وبذات الله والغرض من خلقه للعالم، واستعمال الاصطلاح أبسط البسائط عن ذاته تعالى، ظهرت في أول الأمر في القرن الثاني عشر للميلاد، وذلك على أثر انتشار كتب ابن سينا والفارابي وابن رشد وغيرهم ممن تثقّفوا بالثقافة اليونانية القديمة، واقتبسوا منها الشيء الكثير في شرح الموضوعات الدينية لديهم. وهذا يدل على أن كاتب الإنجيل الذي نحن بصدده عاش بعد القرن المذكور، واطّلع على ما كتبه هؤلاء الفلاسفة.
أجمع العلماء الذين اكتشفوا الإنجيل المنسوب إلى برنابا ودرسوه دراسةً دقيقة، على أن النسخة الأصلية منه ظهرت في أول الأمر سنة 1709م باللغة الإيطالية عند رجل يدعى كرامر، كان مستشاراً لملك بروسيا. وبعد أن أهداها هذا الملك إلى الأمير أوجين سافوي، أودعت بمكتبة فينا سنة 1738 ولا تزال محفوظة هناك إلى الآن. كما أجمعوا على أن الرسم الموجود على غلاف هذه النسخة هو من طراز عربي، وأن بالصفحة الأولى منها عبارات مكتوبة باللغة العربية، مثل: الله عظيم و·إذا أرديتم (أي أردتم) من الله شيئاً، أرديتم (أي أردتم) خير الأشياء . كما أنه توجد بهوامش النسخة المذكورة عبارات باللغة العربية، بعضها سقيم التركيب والبعض الآخر سليمهُ. ولما فحص هؤلاء العلماء الورق المستخدم في هذه النسخة ودرسوا الخط والأسلوب المكتوبة بهما، اتضح لهم أنها كُتبت في القرن 16 لا في القرن 18 الذي اكتُشفت فيه. كما اتضح لهم أن النسخة المذكورة لم تكن مترجمة من اليونانية التي كُتب بها إنجيل المسيحيين في أول الأمر، بل أنها مكتوبة أصلاً باللهجة الإيطالية التي انتشرت بعد عصر دانتي.
ويقول دكتور جورج سال العلاّمة الإنكليزي في ترجمته الإنكليزية للقرآن إنه وجد نسخة من هذا الكتاب أيضاً باللغة الأسبانية تكاد تكون معاصرة للنسخة الإيطالية، كتبها شخص اسمه مصطفى العرندي، يقول إنه ترجمها عن النسخة الإيطالية. وقد جاء في مقدمة النسخة الأسبانية أن راهباً يدعى فرامارينو زار مرة سكتوس الخامس بابا روما سنة 1585م فعثر لديه مصادفة على كتاب للقديس إيريناوس، ينقض فيه تعاليم بولس الرسول، ويشير إلى كتاب يدعى إنجيل برنابا المذكور. وصلى الراهب طالباً أن ينام البابا، فنام. وانتهز الراهب الفرصة وأخذ يبحث في مكتبة البابا، فعثر على هذا الإنجيل وفي الحال خبأه في ردائه وانتظر حتى استيقظ البابا، فاستأذن منه وانصرف. ولما درس الإنجيل المذكور اعتنق الإسلام. وفي ضوء ما تقدم نقول:
أ - إن الإنجيل الذي يؤمن به المسيحيون جميعاً كُتب في أول الأمر بواسطة بعض أتباع المسيح، باللغة اليونانية التي كان يتكلم بها معظم سكان فلسطين وقتئذ. فلا يمكن أن يكون كاتب الإنجيل المنسوب إلى برنابا واحداً من هؤلاء الأشخاص. لأنه لو كان الأمر كذلك لكتب أولاً باليونانية، وترجم منها إلى لغات أخرى، وانتشر تبعاً لذلك منذ القرون الأولى في البلاد التي تتحدث بهذه اللغات، ولكان يوجد منه الآن نسخ أثرية باللغة اليونانية، واقتباسات أيضاً منه في الكتب الدينية القديمة (كما هو حال الإنجيل المكتوب بواسطة متى ومرقس ولوقا ويوحنا، كما ذكرنا فيما سلف) إذ لا يعقل إطلاقاً أن يكون هذا الإنجيل وحده قد اختفى عن أنظار العالم في القرن الأول، ولم يظهر إلا في القرن 16 بلغتين غريبتين عن اللغة التي كانت منتشرة في فلسطين في القرن الأول للميلاد.
ب - إن قصة العثور على هذا الكتاب لا يمكن أن تكون حقيقية، للأسباب الآتية:
(1) إن مؤلفات إيريناوس لا تزال موجودة لغاية الآن، وكلها تتوافق مع الإنجيل الذي بين أيدينا، ومع رسائل بولس الرسول أيضاً، كما ذكرنا في الجزء الأول من هذا الكتاب.
(2) إن برنابا الحقيقي (كما يتضح من الكتاب المقدس) كان قد باع ممتلكاته ووزع ثمنها على الفقراء إكراماً للمسيح الذي بذل نفسه كفارة على الصليب من أجله ومن أجل غيره من الناس (أعمال 4: 36 و37). ثم أتى بعد ذلك ببولس الرسول إلى تلاميذ المسيح وعرفهم به (أعمال 9: 27). كما سافر معه للمناداة بالإنجيل في دربة ولسترة وإيقونية وأنطاكية (أعمال 14: 20 و21) وأورشليم (غلاطية 2: 1) وتحمل معه آلاماً واضطهادات كثيرة بسبب هذه الخدمة (1كورنثوس 9: 6). وبعد ذلك نادى بالإنجيل مع مرقس البشير في قبرص وغيرها من البلاد (أعمال 15: 39). ومما يدل أيضاً على أن برنابا ظل متمسكاً إلى نهاية حياته بالحقائق المسيحية، وفي مقدمتها موت المسيح كفارة على الصليب، أن له رسالة يرجع تاريخها إلى حوالي سنة 100م جاء فيها إننا نحفظ اليوم الثامن (أو بالحري يوم الأحد، لأن السبت كان يدعى اليوم السابع) بفرح وابتهاج، لأنه اليوم الذي قام فيه المسيح من الأموات . كما أن بعض رجال الدين في شمال إيطاليا عملوا قداساً في القرن الخامس، وأطلقوا عليه قداس برنابا ، لأن برنابا هو الذي نادى بالإنجيل في بلادهم في أول الأمر. والقداس المذكور على نمطٍ خاص يُعرف عند المؤرخين بالطقس الميلاني.
(3) إن رؤية المدعو فرامارينو مصادفة للكتاب المنسوب إلى إيريناوس، ووقوع سبات عميق على البابا بناءً على صلاة فرامارينو، وعثوره بعد ذلك بالمصادفة أيضاً على الإنجيل المنسوب إلى برنابا، وسرقته إياه وهروبه دون أن يراه أحد كل هذه تصرفات أقرب إلى الروايات المصطنعة منها إلى الحقائق الواقعة. فليس من المعقول أن يكون البابا قد غطّ في النوم أثناء زيارة الراهب له. وليس من المعقول أن يسرق الراهب الكتاب، فقد كان يمكنه أن يستعيره، أو أن يقرأه على دفعات في مكتبة البابا. ولو فرضنا أن هذا الراهب كان لصاً، فكيف استجاب الله صلاته وأوقع على البابا سباتاً عميقاً ليتمكن للراهب المذكور من القيام بالسرقة المزعومة!!
وإذا كان الأمر كذلك، فلا يمكن أن يكون أحد رسل المسيح الأولين قد كتب هذا الإنجيل . بل من المؤكد أن أحد المدَّعين كتبه في القرن السادس عشر، كما اتضح لنا مما سلف، وكما يتضح بأكثر تفصيل في الفصول التالية.